الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة بمسيّرين يحرّكهم الفايسبوك وهياكل تنتصر للولاءات: "الكورة" تقودنا الى حرب أهلية...

نشر في  31 ماي 2016  (17:21)

ليس هنالك أدنى شك في أن الموسم الكروي الجاري في تونس هو الأكثر وضاعة في تاريخ اللعبة ببلادنا منذ انطلاقتها قبل ستين سنة..بعد انحسار كبير في الجانب الأخلاقي جعل هذه البطولة هي الأسوأ في تاريخنا ولا ندري على أي مقياس مازالت الفيفا تضعنا بين صدارة الدوريات العربية والافريقية في ظل ما يجري من أحداث فظيعة تجعلنا نترجّى ونبتهل صباحا مساء ويوم الأحد حتى يمرّ هذا السباق بأقلّ ما يمكن من الخسائر المادية والبشرية..
في هذه البطولة رأينا واستمعنا الى جميع أطياف الاتهامات والتراشق بالتصريحات المخجلة من مسيّرين في نواد كبيرة وعريقة على الأقل تاريخيا وليس بمثل هذه السلوكات المخجلة التي تجعلنا في دهشة من أمرنا ازاء ما يحصل..
في بطولة لم تتعوّد سابقا على ما يبدو أن يتواصل التنافس الحادّ خلالها أعلى الجدول وأسفله الى حدود أخر اللحظات، رأينا هرولة الى رئاسة الحكومة والتماسا بتدخل رئاسة الجمهورية والنيابة العمومية، كما حضرت وزارة الرياضة واللجنة الأولمبية لتضاعف من منسوب الاتهامات..كما اتجهت بعض الأطراف الى محكمة التحكيم الرياضي الدولية بلوزان السويسرية ولم يتبقّ الا مجلس الأمن ليعقد جلسة عمومية طارئة للنظر في مجريات هذا النشاز..
ما يحصل في تونس أشعل كل الألوان الخطيرة وهو أمر لا يحتمل مزيد الصمت أمام فضائح ارتفعت معها الروائح الكريهة والتي لا تنتظر مزيد الصبر بل من الضروري أن تفتح كل الملفات بجرأة وصرامة قويّين لا تتأثران بمنطق الولاءات والعلاقات والصداقات.
كرتنا باتت مستنقعا رسّخ للفتنة الجهوية واذا ما استمرّ الحال على هذه الشاكلة فلا ريب في اقتتال قادم يشعل نار الحرب الأهلية بسبب كرة لا تسمن ولا تغني من جوع.. ولكنها أشعلت كل أنواع الحروب رغم هزال مستواها وضعف رهانها.
لم نر في كامل أنحاء العالم مثل هذا التطاحن والهرولة نحو الاقتتال حتى في مسابقات أرفع رهانا وقيمة، وللأمانة فان جانبا كبيرا مما يجري تتحمل قسطا بارزا فيه الهياكل الرياضية ببلادنا التي اعتمدت حلولا تلفيقية ولم تنتبه الى خطورة الأمر ولم تسع الى الردع الا في اللحظات الأخيرة..كما أنّ وجود مسيّرين بعقلية هواة وأحباء "فيراجيست" جعلنا نكتوي بنيران الجهوية طالما أن البعض بات يعدل ايقاع تصريحاته على نبض منشورات الفايسبوك..
أجل، بتنا أمام مسيّرين كرتونيين يتفاعلون باملاءات ومطالب الأنصار..ولهذا فان الاصلاح يجب أن يكون ذاتيا وينطلق من الهيئات المديرة التي يجب أن تضمّ مسيّرين يمتلكون الحد الأدنى من الوعي والمستوى الثقافي والأخلاقي الذي يجعلهم أبعد ما يكون عن انفاعلات عاطفية تجيّش القواعد الجماهيرية حتى لا نتورط في كوارث أشدّ وقعا ممّا صرنا نعاني راهنا..
طارق العصادي